المشاركات الشائعة

4/20/2015

سفر الوجع.. الإصحاح الأول

إن كل شخص يشبه القصيدة، و لصديقة هذه القصيدة :

القطارات ترحل فوق قضيبين : ما كان سيكون!
و السماء : رماد به صنع الموت قهوته
ثم ذراه كي تتشققه الكائنات
فينسل بين الشرايين و الأفئدة
كل شيء خلال الزجاج يفر:
رذاذ الغبار على بقعة الضوء
أغنية الريح
قنطرة النهر
سرب العصافير و الأعمدة
كل شيء يفر
فلا الماء تمسكه اليد


أتتني ذات يوم صديقة يشع نورها قبل مجيئها، روحها شفافة كالبلور.. و قلبها نافذة للشمس، و لكنها أتت و على وجهها المكتنز قناع رمادي من الألم. . بوجنتين تنضحان بالدماء.
اتخذت مجلسا بقربي ولم تتحدث بكلمة. لكني سمعت صوت صمتها. فإن اللغة تخفي الحقائق اكثر مما تكشفها.

قررت أن أبدأ بالحديث وأنا أفكر أنه لكل مقام مقال :
- هل تعلمين؟ رثائي الى هؤلاء المتطرفين، إن الانسان خلق و هو متزن من داخله، و هذا التطرف الخارجي إنما يحطم اتزاننا اذا لم نسيطر عليه، يخرجنا عن التيار فلا نغدو غادين مع تيار الحياة و لا عكسه. أرثي لهم. ...
أغمضت عينيها كأنها فهمت ما كنت أقول.. و ربما صارت تقلب كلماتي برأسها..
او ربما أغمضتهما مثل طفل خائف يظن أن الظلام الذي يراه سيبتلع العالم أجمع ولا يعود سبب للهم والقلق.
ربت على كتفها ثم فتحت عينيها الواسعتين في استجابة و قلت :
- ألم تزعمي أنك تدعين الحياة تعيش فيك؟ على عكس جميع البشر الذين هم من يعيشون في الحياة!

لكنها لم تدر بماذا ترد، اكتفت بالنظر إلي بعينين واسعتين كأنهما تنشدان :

أيتها العرافة المقدسة
جئت إليك مثخنا بالطعنات و الدماء
أزحف في معاطف القتلى و فوق الجثث المكدسة
منكسر السيف مغبر الجبين و الأعضاء

كانت عيونها محقة، ربما عرافة ولست حتما مقدسة لكني... للوهلة الأولى
قرأت في عينيها يومها الذي تموت فيه. لكن العرافة يا عزيزتي لا تستطيع الإخبار.

أسأل يا زرقاء
عن فمك الياقوت
عن نبوءة العذراء

تحدثت صديقتي اخيرا باسمة بنظرة ساخرة :
- ربما تريدين مقابلا؟
- يا ليت، يا ليت يا ذات العينين الواسعات، إلا هذه المرة. فانه رغم كل شيء لا استطيع البوح.
- ولكن لماذا؟
- لأنك عزيزة على قلبي
- لم أدر أن للعرافات قلوباً!
ما زالت هازئة، مع هذا كانت الشخص الوحيد الذي يتحدث بوجدانية صافية، لم أدر ما عنته الى ان قالت :
لقد استبدلت قلوب العرافات بذاكرة. ..

أسرت في نفسي ان حديثك صحيح فليس للعرافة قلب و لكن لصديقتك قلب.
قلت لها :
- لا ينبغي أن اتخذ صديقة و احدثها بالنبوءات، فإما صديقة و إما نبوءات..

تلعثمت و كأنها ستقول شيئا ثم آثرت الصمت.

للأسف فقد كنت عزيزة على قلبها بذات القدر.

قلت في ضجر :
- هل أتيت لصديقتك أم تزورين عرافة؟
ضحكنا سويا

ثم قررت أن أفضي ببعض ما لدي :
عليك إذن ان ترافقيني، فلربما سقط الكلام مني سهوا
...
حينها تتحررين...
:)




**الأشعار للجميل أمل دنقل** 

No comments:

Post a Comment